نحن نرى أن المدخل الشرعي هو أنسب المداخل إلى هذا الموضوع، بمعنى أنه مع اقتراب سنالبلوغ، والذي من علاماته بداية ظهور ما يسمى بالعلامات الجنسية الثانوية مثل: بداية ظهور الشارب، والشعر تحت الإبطين، وخشونة الصوت في الذكور أو نعومته بالإضافةإلى بروز الصدر في الإناث عند ظهور هذه العلامات يبدأ الأب والأم –حسب الحال- فيالحديث عن انتقال الفتى أو الفتاة من مرحلة إلى مرحلة فمن الطفولة التي لم يكنمكلفًا فيها شرعياً إلى البلوغ والمراهقة، التي أصبح مكلفًا فيها شرعياً، وأصبحتعليه واجبات والتزامات لم تصبح في حقه فضلاً أو مندوباً كما كانت في السابق ومن هذهالواجبات الصلاة وأنها يشترط فيها الطهارة، وأن هذه الطهارة –وهو طفل- كانت تعنيالوضوء فقط، ولكن نتيجة انتقاله من عالم الأطفال إلى عالم الكبار أصبح مطالبًابطهارة من أمور أخرى؛ نتيجة لتغيرات فسيولوجية داخل جسمه ثم يشرح للطفل بطريقةعلمية بسيطة التغيرات الهرمونية والعضوية التي تحدث في جسمه، وتؤدي إلى بلوغه سواءبالاحتلام في الذكور، أم بنزول دم الحيض في البنات.
ويجب أن يتسم الحديثبالوضوح والصراحة وعدم الحرج؛ لأن المشاعر الأولى في تناول هذا الأمر تنتقل إلىالطفل، وتظل راسخة في ذهنه، وتؤثر على حياته المستقبلية بصورة خطيرة ثم تكون النقطةالثالثة التي يتم تناولها؛ وهي الحكمة من حدوث هذه التغيرات في جسم الإنسان، ودورهافي حدوث التكاثر والتناسل من أجل إعمار الأرض وأن التجاذب الذي خلقه الله بينالجنسين إنما لهذه الحكمة وأنها رسالة يؤديها الإنسان في حياته؛ ولذا يجب أن تسيرفي مسارها الطبيعي وتوقيتها الطبيعي الذي شرعه الله وهو الزواج الشرعي؛ ولذا فيجبأن يحافظ الإنسان على نفسه؛ لأنها أمانة عنده من الله .
ثم يتم الحديث عنالصور الضارة من الممارسات والتصرفات الجنسية، بصورة إجمالية دون تفصيلات إلا إذاكان هناك مايستلزم التفصيل، وكيف أنها خروج عن حكمة الله فيما أودعه فينا،ويتم ذلكبدون تخويف أو تهويل أو استقذار.
ثم يتم فتح الباب بين الأب والأم وأبنائهموبناتهم في حوار مستمر ومفتوح بمعنى أن نخبره أننا مرجعه الأساسي في هذه المواضيع،وأنه لا حرج عليه إذا لاحظ في نفسه شيئاً، أو سمع شيئاً، أو قرأ شيئاً أو جاء علىذهنه أي تساؤل أن يحضر إلينا ليسألنا أو لتسألنا فسيجد أذناً وقلوباً مفتوحة وأنهلا حرج ولا إحراج في التساؤل والنقاش حولها ولكن في الوقت المناسب، وبالطريقةالمناسبة ثم نكون قريبين منهم عند حدوث البلوغ ذاته فنطمئنه ونطمئنها ونرفع الحرجعنهم، ونذكرهم بما قلناه سابقاً ثم نعاونهم بطريقة عملية في تطبيق ذلك سواءبالاغتسال بالنسبة للبنين أم بالإجراءات الصحيحة للتعامل مع الموقف مثل الفوطالصحية وما إلى ذلك بالنسبة للبنات ونشعرهم أن ما حدث شيء يدعو للاعتزاز، لأنهمانتقلوا إلى عالم الكبار وأن ما حدث شيء طبيعي لا يدعو للخجل أو الإحراج؛ حيث تنتابهذه المشاعر الكثير من المراهقين خاصة البنات.
كما يمكن إرشادهم لبعضالمصادر العلمية المؤتمنة إن كانوا في وضع يسمح لهم بذلك فيوسعون معلوماتهمومعارفهم عن طريق الكتب والموسوعات العلمية والطبية . أو يزودون ببعض الأشرطةوالمحاضرات التسجيلية في هذا المجال إن وجدت أو بعض المجلات الحديثة الجيدة التيتغطي جوانبا من هذه الموضوعات ، ونكون بذلك قد وضعنا أرجلهم على الطريق الصحيحللمعرفة الصحيحة في الحاضر والمستقبل.
ثم يستمر ذلك الدعم بعد حدوث البلوغبتحسس أخبارهم، والبحث عن مواضيع التساؤل عندهم وتَحَيُّن الفرصة لمزيد من الرد علىما يكون قد تَكَوّن في أذهانهم من تساؤلات عن الزواج، والجنس بطريقة بسيطة وواضحة،ليس فيها زجر أو هروب من السؤال؛ حيث إنهم إذا لم يحصلوا على الإجابة من الأب والأمفسيحصلون عليها من مصادرهم الخاصة بكل ما تحتويه من أضرار، وتضليل.
إنه أمرفعله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين علّم الأصحاب والصحابيات بلغة راقيةوبأسلوب بسيط لا إفراط فيه ولا تفريط؛ لأن الجنس جزء من الحياة اعترف به الإسلامووضع الطرق الصحيحة للتعامل معه، وكانت أموره تناقش علناً في مجلس الرسول الكريمفكان نعم المعلم صلى الله عليه وسلم.